Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الفرقان - الآية 22

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَىٰ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَّحْجُورًا (22) (الفرقان) mp3
وَقَوْله تَعَالَى : " يَوْم يَرَوْنَ الْمَلَائِكَة لَا بُشْرَى يَوْمئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا " أَيْ هُمْ لَا يَرَوْنَ الْمَلَائِكَة فِي يَوْم خَيْر لَهُمْ بَلْ يَوْم يَرَوْنَهُمْ لَا بُشْرَى يَوْمئِذٍ لَهُمْ وَذَلِكَ يَصْدُق عَلَى وَقْت الِاحْتِضَار حِين تُبَشِّرهُمْ الْمَلَائِكَة بِالنَّارِ وَالْغَضَب مِنْ الْجَبَّار فَتَقُول الْمَلَائِكَة لِلْكَافِرِ عِنْد خُرُوج رُوحه : اُخْرُجِي أَيَّتهَا النَّفْس الْخَبِيثَة فِي الْجَسَد الْخَبِيث اُخْرُجِي إِلَى سَمُوم وَحَمِيم وَظِلّ مِنْ يَحْمُوم فَتَأْبَى الْخُرُوج وَتَتَفَرَّق فِي الْبَدَن فَيَضْرِبُونَهُ كَمَا قَالَ اللَّه تَعَالَى " وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَة يَضْرِبُونَ وُجُوههمْ وَأَدْبَارهمْ " الْآيَة وَقَالَ تَعَالَى : " وَلَوْ تَرَى إِذْ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَات الْمَوْت وَالْمَلَائِكَة بَاسِطُو أَيْدِيهمْ " أَيْ بِالضَّرْبِ " أَخْرِجُوا أَنْفُسكُمْ الْيَوْم تُجْزَوْنَ عَذَاب الْهُون بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّه غَيْر الْحَقّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاته تَسْتَكْبِرُونَ " وَلِهَذَا قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة " يَوْم يَرَوْنَ الْمَلَائِكَة لَا بُشْرَى يَوْمئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ " وَهَذَا بِخِلَافِ حَال الْمُؤْمِنِينَ حَال اِحْتِضَارهمْ فَإِنَّهُمْ يُبَشِّرُونَ بِالْخَيْرَاتِ وَحُصُول الْمَسَرَّات قَالَ اللَّه تَعَالَى : " إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبّنَا اللَّه ثُمَّ اِسْتَقَامُوا تَتَنَزَّل عَلَيْهِمْ الْمَلَائِكَة أَنْ لَا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلًا مِنْ غَفُور رَحِيم " وَفِي الْحَدِيث الصَّحِيح عَنْ الْبَرَاء بْن عَازِب : أَنَّ الْمَلَائِكَة تَقُول لِرُوحِ الْمُؤْمِن اُخْرُجِي أَيَّتهَا النَّفْس الطَّيِّبَة فِي الْجَسَد الطَّيِّب كُنْت تَعْمُرِينَهُ اُخْرُجِي إِلَى رَوْح وَرَيْحَان وَرَبّ غَيْر غَضْبَان وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيث فِي سُورَة إِبْرَاهِيم عِنْد قَوْله تَعَالَى : " يُثَبِّت اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة وَيُضِلّ اللَّه الظَّالِمِينَ وَيَفْعَل اللَّه مَا يَشَاء " وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ : " يَوْم يَرَوْنَ الْمَلَائِكَة لَا بُشْرَى " يَعْنِي يَوْم الْقِيَامَة . قَالَهُ مُجَاهِد وَالضَّحَّاك وَغَيْرهمَا وَلَا مُنَافَاة بَيْن هَذَا وَمَا تَقَدَّمَ فَإِنَّ الْمَلَائِكَة فِي هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ يَوْم الْمَمَات وَيَوْم الْمَعَاد تَتَجَلَّى لِلْمُؤْمِنِينَ وَلِلْكَافِرِينَ فَتُبَشِّر الْمُؤْمِنِينَ بِالرَّحْمَةِ وَالرِّضْوَان وَتُخْبِر الْكَافِرِينَ بِالْخَيْبَةِ وَالْخُسْرَان فَلَا بُشْرَى يَوْمئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ " وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا " أَيْ وَتَقُول الْمَلَائِكَة لِلْكَافِرِينَ حَرَام مُحَرَّم عَلَيْكُمْ الْفَلَاح الْيَوْم وَأَصْل الْحَجْر الْمَنْع وَمِنْهُ يُقَال حَجَرَ الْقَاضِي عَلَى فُلَان إِذَا مَنَعَهُ التَّصَرُّف إِمَّا لِفَلَسٍ أَوْ سَفَه أَوْ صِغَر أَوْ نَحْو ذَلِكَ وَمِنْهُ سُمِّيَ الْحِجْر عِنْد الْبَيْت الْحَرَام لِأَنَّهُ يُمْنَع الطُّوَّاف أَنْ يَطُوفُوا فِيهِ وَإِنَّمَا يُطَاف مِنْ وَرَائِهِ وَمِنْهُ يُقَال لِلْعَقْلِ حِجْر لِأَنَّهُ يَمْنَع صَاحِبه عَنْ تَعَاطِي مَا لَا يَلِيق وَالْغَرَض أَنَّ الضَّمِير فِي قَوْله : " وَيَقُولُونَ " عَائِد عَلَى الْمَلَائِكَة هَذَا قَوْل مُجَاهِد وَعِكْرِمَة وَالْحَسَن وَالضَّحَّاك وَقَتَادَة وَعَطِيَّة الْعَوْفِيّ وَعَطَاء الْخُرَاسَانِيّ وَخُصَيْف وَغَيْر وَاحِد وَاخْتَارَهُ اِبْن جَرِير . وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْم حَدَّثَنَا مُوسَى يَعْنِي اِبْن قَيْس عَنْ عَطِيَّة الْعَوْفِيّ عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ فِي الْآيَة" وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا " قَالَ حَرَامًا مُحَرَّمًا أَنْ يُبَشَّر بِمَا يُبَشَّر بِهِ الْمُتَّقُونَ وَقَدْ حَكَى اِبْن جَرِير عَنْ اِبْن جُرَيْج أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ مِنْ كَلَام الْمُشْرِكِينَ" يَوْم يَرَوْنَ الْمَلَائِكَة " أَيْ يَتَعَوَّذُونَ مِنْ الْمَلَائِكَة وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَب كَانُوا إِذَا نَزَلَ بِأَحَدِهِمْ نَازِلَة أَوْ شِدَّة يَقُول " حِجْرًا مَحْجُورًا " وَهَذَا الْقَوْل وَإِنْ كَانَ لَهُ مَأْخَذ وَوَجْه وَلَكِنَّهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى السِّيَاق بَعِيد لَا سِيَّمَا وَقَدْ نَصَّ الْجُمْهُور عَلَى خِلَافه وَلَكِنْ قَدْ رَوَى اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْله : " حِجْرًا مَحْجُورًا " أَيْ عَوْذًا مُعَاذًا فَيُحْتَمَل أَنَّهُ أَرَادَ مَا ذَكَرَهُ اِبْن جُرَيْج وَلَكِنْ فِي رِوَايَة اِبْن أَبِي حَاتِم عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد أَنَّهُ قَالَ " حِجْرًا مَحْجُورًا " عَوْذًا مُعَاذًا الْمَلَائِكَة تَقُول ذَلِكَ فَاَللَّه أَعْلَم .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • كيف نربي أطفالنا

    قالت المؤلفة: للمربي الناجح صفات كلما ازداد منها زاد نجاحه في تربية ولده بعد توفيق الله، وقد يكون المربي أباً أو أماً أو أخاً أو أختاً أو عماً أو جداً أو خالاً، أو غير ذلك، وهذا لا يعني أن التربية تقع على عاتق واحد، بل كل من حول الطفل يسهم في تربيته وإن لم يقصد.

    الناشر: موقع معرفة الله http://knowingallah.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/370716

    التحميل:

  • مجمل أصول أهل السنة والجماعة في العقيدة

    مجمل أصول أهل السنة والجماعة في العقيدة: هذا الكتاب يعرض عقيدة السلف وقواعدها، بعبارة موجزة وأسلوب واضح، مع التزام الألفاظ الشرعية المأثورة عن الأئمة قدر الإمكان.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/205065

    التحميل:

  • تشجير أهم الكتب الفقهية المطبوعة على المذاهب الأربعة

    بحث مفيد يحتوي على تشجير لأبراز المتون الفقهية للمذاهب الأربعة، مع بيان شروحها.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/353501

    التحميل:

  • شرح كتاب آداب المشي إلى الصلاة

    آداب المشي إلى الصلاة : رسالة في بيان ما يُسن للخروج إلى الصلاة من آداب وصفة الصلاة وواجباتها وسننها ، وبيان صلاة التطوع وما يتعلق بها ، وصلاة الجماعة وواجباتها وسننها ، وبيان صلاة أهل الأعذار ، وصلاة الجمعة والعيدين والكسوف والإستسقاء وصلاة الجنازة ، وما يتعلق بالزكاة والصيام، وفي هذه الصفحة ملف يحتوي على شرح لهذه الرسالة من تقريرات العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ - رحمه الله -، جمعها ورتبها وهذبها وعلق عليها الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن قاسم - رحمه الله -.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/144995

    التحميل:

  • حاشية الروض المربع شرح زاد المستقنع

    زاد المستقنع في اختصار المقنع: تأليف العلامة الشيخ شرف الدين أبي النجا موسى بن أحمد بن موسى ابن سالم المقدسي الحجاوي ثم الصالحي الدمشقي الحنبلي المتوفي سنة (960هـ) وقيل (968هـ) - رحمه الله تعالى -. اقتصر فيه على القول الراجح في مذهب الإمام أحمد - رحمه الله -، وحذف ما يندر وقوعه من المسائل مما هو مذكور في أصله الذي هو المقنع، وزاد من الفوائد ما يعتمد على مثله مما ليس في المقنع؛ لذا حرص العلماء على شرحه، ومن هؤلاء العلامة منصور البهوتي في كتابه الروض المربع، وكان شرحه من أحسن شروح الزاد، ونال من الشهرة والمكانة الشيء الكثير؛ وفي هذه الصفحة حاشية عليه للعلامة ابن قاسم - رحمه الله -.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/70853

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة